تختلف تقديرات حجم الدمار الذي تسببت فيه الحرب بين حزب الله وإسرائيل، حيث يتم تداول أرقام تثير الدهشة، وأحيانًا تكون مستندة إلى دراسات دقيقة. وفقًا للمعهد اللبناني لدراسات السوق، يعتبر البنك الدولي المصدر الأكثر موثوقية في هذا السياق، إذ يعتمد على مجموعة بيانات قوية وشفافة. وفقًا للبنك، تُقدر خسائر البنى التحتية بما يقارب 2.8 مليار دولار، في حين سجل القطاع الزراعي خسائر تُقدر بحوالي 1.1 مليار دولار. الأضرار المباشرة في هذا القطاع بلغت حوالي 124 مليون دولار نتيجة تدمير المحاصيل الزراعية والتعطل الكامل للموسم الزراعي.
تشير التقديرات إلى أن إجمالي الخسائر على مستوى البلاد قد يتجاوز 8.5 مليار دولار، يعكس ذلك التأثير العميق للحرب على الاقتصاد الوطني، حيث قدّر البنك الدولي أن لبنان لن يشهد نموًا إيجابيًا في عام 2024، بل يتوقع تراجعًا بنسبة 5.7%. أما القطاع السياحي، فقد تكبد خسائر كبيرة، خصوصًا في ظل الظروف التي منعت العديد من السياح من زيارة البلاد أو جعلتهم يشككون في إمكانية الوصول إليها، مما أثر بدوره على المطاعم والفنادق والأنشطة السياحية بشكل عام.
بالإضافة إلى ذلك، تأثرت قطاعات أخرى مثل القطاع الصناعي، الذي يواجه تحديات كبيرة بسبب كلفة استيراد المواد الخام وتصدير المنتجات. وتُعتبر هذه القطاعات الأساسية للنهوض الاقتصادي في المستقبل، في حال تم تحقيق الإصلاحات الهيكلية المطلوبة.
فيما يتعلق بإعادة الإعمار، من المتوقع أن يتحمل اللبنانيون ثمن هذه العملية عبر الضرائب، رغم أن بعض المواطنين قد يرون أن الدولة لن تتمكن من تعويضهم بشكل فعال من خلال النظام الضريبي الحالي. أيضًا، في حال أرادت البلاد المضي قدمًا في عملية النهوض الاقتصادي، يجب إجراء إصلاحات جذرية لتحرير السوق، تقليل البيروقراطية، وتقليص الهيمنة الحالية للاحتكارات.
تعتبر السياسات الاقتصادية الحالية في لبنان بمثابة معضلة، مع وجود سياسات مماثلة لما كان يتم تطبيقه في دول أخرى مثل الأرجنتين. إذا لم يتم اتخاذ خطوات جدية لمعالجة الأزمات الاقتصادية، فإن الوضع قد يستمر في التدهور، مما يجعل المواطن اللبناني يدفع الثمن الأكبر.