أقر مجلس الوزراء اللبناني مشروع قانون إصلاح وضع المصارف في لبنان، مما يشكل خطوة غير مسبوقة في تاريخ الحكومات اللبنانية التي لم يسبق لأي منها أن أقرت مشروع قانون يهدف إلى إصلاح أوضاع المصارف وإعادة تنظيمها. تأتي هذه الخطوة في توقيت بالغ الأهمية، خاصة مع قرب مشاركة وزير المالية والاقتصاد وحاكم مصرف لبنان كوفد رسمي في اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي المقررة في واشنطن خلال شهر نيسان الحالي. يجدر التوضيح أن هذا القانون لا يستهدف معالجة الأزمة المصرفية الراهنة أو أزمة الودائع القائمة، بل يمثل إطاراً عاماً يهدف إلى وضع آليات للتعامل مع أي تعثر محتمل للمصارف في المستقبل، بعد تجاوز الأزمة الحالية وعودة القطاع المصرفي إلى العمل بشكل طبيعي.
يتضمن القانون تراتبية واضحة لمعالجة أي أزمة مصرفية مستقبلية، حيث تلعب مؤسسة ضمان الودائع دوراً في حماية صغار المودعين، وتُستخدم رؤوس أموال المصارف لامتصاص الخسائر أولاً. وفي حال استمرار وجود خسائر بعد استنفاد هذه الإجراءات، عندها فقط يمكن أن تطال هذه الخسائر المودعين.
يتوافق هذا القانون مع المعايير الدولية المتبعة في القطاع المصرفي، والتي لا تجيز أن تتدخل الحكومة لتغطية خسائر البنوك، منعاً لما قد يُفهم على أنه تشجيع للمصارف على اتخاذ مخاطر مرتفعة مع ضمان حمايتها من قبل الدولة.
يعتبر إقرار هذا القانون، إضافة إلى قانون السرية المصرفية، أداة مهمة تمكن الوفد الحكومي اللبناني من الذهاب إلى اجتماعات صندوق النقد الدولي مسلحاً بإجراءات ملموسة تظهر جدية لبنان في إصلاح قطاعه المصرفي. وعلى الرغم من أن هذه القوانين لا ترتبط بشكل مباشر بمعالجة الأزمة المصرفية الحالية، إلا أنها تمثل خطوة إيجابية أفضل من الذهاب دون أي إنجازات تشريعية في هذا المجال.
تبقى الخطوة التالية المهمة هي إقرار هذا المشروع من قبل مجلس النواب، الأمر الذي من شأنه أن يعزز موقف الحكومة اللبنانية في مفاوضاتها مع المؤسسات المالية الدولية، ويظهر التزام لبنان بإصلاح قطاعه المالي وفقاً للمعايير الدولية، مما قد يساهم في استعادة ثقة المجتمع الدولي بالنظام المصرفي اللبناني واستقطاب الدعم المالي الذي يحتاجه لبنان للخروج من أزمته الاقتصادية المستمرة.