أضاف القرار الأخير للمفوضية الأوروبية بإدراج لبنان على القائمة المالية السوداء، المزيد من السوداويةً على الواقع المالي والمصرفي، ما يُنبىء برفع مستوى الرقابة الدولية على لبنان واقتصاده “الكاش” وعمليات تحويل الأموال من وإلى لبنان من المصارف الأوروبية.
وعلى الرغم من كل محاولات التخفيف من وطأة وتداعيات القرار الأوروبي، لا يمكن التغاضي عن النتائج المترتبة عليه والتي بدأ يلمسها المواطنون منذ الاسبوع الماضي، مع العلم أن مصارف عالمية كانت قد بادرت إلى إقفال كل حسابات اللبنانيين لديها منذ أسابيع وبعد إدراج لبنان على اللائحة الرمادية.
و يُدرج مدير المعهد المالي لدراسات السوق الخبير الإقتصادي الدكتور باتريك مارديني، القرار الأوروبي في سياق قرار وضع لبنان على اللائحة الرمادية من مجموعة العمل المالي “فاتف” والذي يضيء على موضوع المخاطر المرتفعة المتعلقة بلبنان، وباتت أسبابها معروفة، وهي الإشكالية الكبيرة في بعض المؤسسات المالية التابعة ل”حزب الله”، والتي يتشدد المجتمع الدولي تجاهها.
ويكشف الدكتور مارديني في حديثٍ ل”ليبانون ديبايت”، أن “تلكوء لبنان بمعالجة هذا الموضوع، يُضعف قدرته على التعاون مع الدول الخارجية بموضوع التحويلات المالية”.
وبالنسبة لأسباب هذا التصنيف، يعدد مارديني أكثر من سبب، ومنها “إشكالية اقتصاد الكاش، وطريقة العمل بسوق الصيرفة والصرافين وسيطرة بعض شركات الصيرفة على السوق، بالإضافة إلى كيفية قيام مصرف لبنان بسحب وضخّ السيولة في السوق، والتي تعتمد على مجموعة من الصرافين بشكل لا يتوافق مع المعايير الدولية، من حيث موضوع الشفافية والحوكمة المطلوبة”.
لكن جانباً أخراً من الأزمة، يقف وراء تراجع التصنيف، حيث يتحدث مارديني أيضاً عن “التهرّب الضريبي والجمركي وتزوير مستندات تتعلق بدخول البضائع المستوردة وعدم المصداقية بشكل عام في مرفأ بيروت، وخصوصاً تهريب الممنوعات من مخدرات من لبنان إلى دول أخرى أو تهريب بضائع إلى لبنان، وتؤدي كلها إلى عمليات مشبوهة تفضي إلى تبييض الأموال في عمليات غير شرعية”.
وعن كيفية الترجمة العملية للقرار الأوروبي، والتأثير المباشر على تحويلات اللبنانيين في الدول الأوروبية إلى لبنان كما المساعدات والتقديمات من الإتحاد الأوروبي للجمعيات أو للنازحين السوريين، فيؤكد مارديني بأن “ما من إجراءات على مستوى الدول، إنما على مستوى المصارف الأوروبية، التي ستجد صعوبةً أكبر بالتعامل مع لبنان، بمعنى أن أي تحويلات مالية من وإلى لبنان، سوف تخضع لتدقيق شديد وسترتفع كلفتها على المصارف المراسلة، وهذا قد يدفع بعض المصارف الأوروبية إلى تفادي التعامل مع لبنان، ما سوف يقلّص الخيارات أمام المصارف اللبنانية ويؤثر سلباً على قدرة لبنان بالتعاطي مع الخارج سواء بتحويلات المغتربين أو المساعدات أو العمليات التجارية، أي أنه إذا أراد أي لبناني التصدير إلى الخارج، فإن ما سيحصل عليه من أموال بالمقابل سيستغرق وقتاً أطول من السابق وسترتفع كلفته وسيخضع للتدقيق، والأمر نفسه إذا أراد لبنان استيراد البضائع وتحويل ثمنها إلى الخارج، لأن الأموال المحوّلة ستخضع لتدقيق شديد حول مصادرها وما إذا كانت شرعية بمعنى تعقيدات أكثر ووجع رأس على لبنان”.