ما بعد “الانتظام المالي”: كيف ينقذ مجلس النقد الليرة ويستعيد ثقة المودعين؟

ما بعد “الانتظام المالي”: كيف ينقذ مجلس النقد الليرة ويستعيد ثقة المودعين؟

في الوقت الذي يستعجل فيه المسؤولون اللبنانيون إقرار قانون الفجوة المالية، يغيب الاهتمام الحقيقي بمصير سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي وبكيفية تحفيز الاقتصاد وجذب الاستثمارات التي فرّت من البلاد على مدى سنوات طويلة. يشكل غياب الاستقرار النقدي تهديداً حقيقياً قد يؤدي إلى نتائج بالغة السلبية على الاقتصاد اللبناني برمته. يحتاج لبنان إلى الوقوف على ركيزتين أساسيتين لإنقاذ اقتصاده المنهار. تتمثل الركيزة الأولى في تحقيق الانتظام المالي بغض النظر عن نوع القانون المعتمد لسد الفجوة المالية. أما الركيزة الثانية فتتمثل في إنشاء مجلس النقد الذي يهدف إلى إعادة الثقة بالليرة اللبنانية التي فقدت معظم قيمتها خلال الأزمة الاقتصادية.

يضمن مجلس النقد وجود احتياطي من الدولارات في الصندوق، مما يحفظ قيمة الليرة اللبنانية ويستعيد ثقة المواطنين بالعملة الوطنية. يلغي هذا النظام الحاجة إلى تدخل المصرف المركزي أو الحكومة لضمان سعر الصرف، إذ يعتمد على آلية موضوعية تربط العملة المحلية باحتياطي حقيقي من العملات الأجنبية.

يشجع مجلس النقد اللبنانيين الذين يحتفظون بأموالهم في منازلهم على إعادتها إلى المصارف للحصول على عوائد مرتفعة على الليرة اللبنانية. ينطبق الأمر نفسه على المغتربين اللبنانيين والمستثمرين الدوليين، مما يسمح بتدفق رؤوس الأموال إلى القطاع المصرفي اللبناني.

يمكّن تدفق رؤوس الأموال هذا القطاع المصرفي من العودة إلى إعطاء القروض للمواطنين والشركات في لبنان. يطرح غياب هذا التدفق تساؤلاً جوهرياً: كيف يمكن للمصارف أن تمنح القروض إذا لم تدخل أموال جديدة إلى البلاد؟ وبالتالي، كيف يمكن إطلاق النمو الاقتصادي من جديد؟

يظهر بوضوح أن تحقيق الانتظام المالي وحده، دون تأمين استقرار نقدي حقيقي وجذب استثمارات جديدة، لن يكون كافياً لإخراج لبنان من أزمته الاقتصادية الخانقة وإعادة تحريك عجلة النمو الاقتصادي المتوقفة منذ سنوات.

اضغط هنا لمشاهدة المشهد الاقتصادي على قناة الجديد